خطاب التنازلات… حديث الوداع
مع ان الحوار كان مسجلا ويظهر عليه تدخل مقص الرقيب خلال عمليات تركيب متعددة الا ان الرسالة الجلية التى وصلتت للمتلقي والمتابع للحوار هي ان تبون لا يملك هامشا كبيرا لحرية العمل ولا كامل معطيات القراربين يديه
وبالاضافة الى حركاته وتعابير وجهه التي كشفت تردده وعدم سيطرته على معظم الملفات التي يتحدث بخصوصها فقد بدا خطابه كالعادة هشا وسطحيا وغير مقنع حتى لاقرب المغامرين بوضعه في منصب الرئيس
والجديد الذي ميز هذا الحوار في هذا الظرف الاستثنائي الذي تعيشه منظومة الحكم هو عدد التنازلات التي قدمها تبون للجميع نيابة عن اللسلطة الفعلية مما اعطى الانطباع بانه يتخلص تدريجيا من اثقال مهمة الرئاسة الصورية التي كلف بها من قبل الجيش وانه على ابواب المغادرة
تبون تنازل امام جشع مافيا استيراد خردة سيارات العالم وخضع لضغوطها بل وذهب للاعتراف بان تركيب السيارات محليا لم يعطي اية نتيجة بل واضعنا فيها املاييرالدولارات ولكنه لم يخبرالجزائريين ما اذا كان مصنع تركيب سيارات مؤسسة ا لجيش يدخل في هذا الحكم ام ليس معنيا به
كما قدم تنازلا واضحا لمافيا السوق الموازية التي تسيطر على عشرة الاف مليار دينار حسبه بالالتزام امامها بان نظام العسكر لا يفكر في تغيير العملة وانه ما تزال امامها اياما مشرقة للمضاربة وتبييض الاموال في الاسواق الموازية
كما تنازل تبون نيابة عن سلطة العسكر ايضا امام ضغط الثورة السلمية وصداها الدولي في مسالة الحقوق والحريات
واعترف ان نظام العسكر سحب مقترح قانون سحب الجنسية من المعارضين في الخارج وبررهذا التراجع بعدم معاقبة الجميع بقانون يتعلق بمخالفات الاقلية وهو مبرر واه لا يعكس الحقيقة التي تتمثل في الرفض الكامل لهذا القانون من قبل الجزائريين وكذا ضغط المنظومة الحقوقية العالمية التي اثبتت للعسكر ان هذا التوجه حول الجزائر الى اضحوكة ولا يستبعد المتابعون ان تضكي السلطة ايضا بوزير العدل زيادة في التنازلات
تبون كشف خلال هذا الحوار عن تخوف السلطة الواضح من سقوط الانتخابات التشريعية في الماء فقدم تنازلات سياسية للاحزاب التي اعلنت مشاركتها محاولا طمأنتها بان الموعد الانتخابي القادم يخلو من توزيع المناصب بنظام الكوطة وهو نفي يثبت صحة هذا التوجه مع ما تتوقعه السلطة من نسبة مشاركة تكاد تكون منعدمة في معظم ولايات الوطن
لقد كشف خطاب تبون ان النظام برمته يعيش عزلة غير مسبوقة سياسيا واجتماعيا وانه يفقد القدرة على الاقناع وضاقت امامه سبل المراوغة والكذب فبدأ بالترويج لوهم اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة فيما تسجل الجزائر تراجعا غير مسبوق اقتصاديا واجتماعيا تعكسه ندرة كبيرة في المواد الاستهلاكية والسيولة وتخلف رهيب فبي التكفل الصحي بالجزائريين
تبون ومن ورائه نظام العسكر لم يشر في هذا الخطاب الى السجن الكبير الذي تعيشه الجزائر بسبب غلق اجوائها امام الطيران العالمي وما تنجر عنه من معاناة للجزائريين في الداخل والخارج وتجاهل الخوض في مسألة الثورة السىمية الهادرة وما يتعرض له نشطاؤها من قمع وتعذيب الثورة التي تطالبه ونظامه بالرحيل خدمة للجزائر وشعبها